فصل: وفاة عميد الجيوش وولاية فخر الملك.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ظهور بني مزيد.

وفي سنة سبع وثمانين خرج أبو الحسن علي بن مزيد في قومه بني أسد ونقض طاعة بهاء الدولة فبعث إليه العساكر فهرب أمامهم وأبعد حتى امتنع عليهم ثم بعث في الصلح والاستقامة وراجع الطاعة ثم رجع إلى انتقاضه سنة اثنتين وتسعين واجتمع مع قرواش بن المقلد صاحب الموصل وقومه بني عقيل فحاصروا المدائن ثم بعث إليهم أبو جعفر الحجاج وهو نائب بغداد العساكر فدفعوهم عنها وخرج الحجاج واستنجد خفاجة فجاء من الشام وقاتل بني عقيل وبني أسد فهزموه ثم خرج إليهم ولقيهم بنواحي الكوفة فهزمهم وأثخن فيهم بالقتل والأسر واستباح ملك بني مزيد وظهر في بغداد في مغيب أبي جعفر من الفتنة والفساد والقتل والنهب مالا يحصى فكان ذلك السبب في أن بعث بهاء الدولة أبا علي بن جعفر أستاذهرمز كما مر ولقيه عميد الجيوش فسكن الفتنة وأمن الناس ولما عزل أبو جعفر أقام بنواحي الكوفة وارتاب به أبو علي فجمع الديلم والأتراك وخفاجة وسار إليه واقتتلوا بالنعمانية وذلك سنة ثلاث وتسعين فانهزم أبو جعفر وسار أبو علي إلى خوزستان ثم إلى السوس فعاد أبو جعفر إلى الكوفة ورجع أبو علي في اتباعه فلم تزل الفتنة بينهما وكل واحد منهما يستنجد ببني عقيل وبني أسد وخفاجة حتى أرسل بهاء الدولة عن أبي علي وبعثه إلى البطيحة لفتنة بني واصل كما نذكره في دولتهم ولما كانت سنة سبع وتسعين جمع أبو جعفر وسار لحصار بغداد وأمده ابن حسنويه أمير الأكراد وذلك أن عميد الجيوش ولى على طريق خراسان أبا الفضل بن عنان وكان عدوا لبدر بن حسنويه فارتاب لذلك واستدعى أبا جعفر وجمع له جموعا من أمراء الأكراد منهم هندي بن سعد وأبو عيسى شادي بن محمد ورزام بن محمد وكان أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي انصرف عن بهاء الدولة مغاضبا له فسار معهم وكانوا عشرة آلاف وحاصروا بغداد وبها أبو الفتح بن عنان شهرا ثم جاءهم الخبر بانهزام ابن واصل بالبطيحة الذي سار عميد الجيوش إليه فافترقوا وعاد ابن مزيد إلى بلده وسار أبو جعفر إلى حلوان وأرسل بهاء الدولة في الطاعة عنده بتستر فأعرض عنه رغبا لعميد الجيوش.

.فتنة بني مزيد وبني دبيس.

كان أبو الغنائم محمد بن مزيد مقيما عند أصهاره بني دبيس في جزيرتهم بخوزستان فقتل أبو الغنائم بعض رجالاتهم ولحق بأخيه أبي الحسن فانحدر أبو الحسن إليهم في ألفي فارس واستمد عميد الجيوش فأمده بعسكر من الديلم ولقيهم فانهزم أبو الحسن وقتل أخوه أبو الغنائم.

.ظهور دعوة العلوية بالكوفة والموصل.

وفي أول المائة الخامسة خطب قرواش بن المقلد أمير بني عقيل لصاحب مصر الحاكم العلوي في جميع أعماله: وهي الموصل والأنبار والمدائن والكوفة فبعث القادر القاضي أبا بكر الباقلاني إلى بهاء الدولة يعرفه فأكرمه وكتب إلى عميد الجيوش بمحاورة قرواش وأطلق له مائة ألف دينار يستعين بها وسار عميد الجيوش لذلك فراجع قراوش الطاعة وقطع خطبة القلويين وكان ذلك داعيا في كتابه المحضر بالطعن في نسب العلوية بمصر شهد فيه الرضي والمرتضى وابن البطحاوي وابن الأزرق والزكي وأبو يعلى عمر بن محمد ومن العلماء والقضاة ابن الأكفاني وابن الجزري وأبو العباس الأبي وردي وأبو حامد الأسفرايني والكستلي والقدوري والصهيري وأبو عبد الله البيضاوي وأبو الفضل النسوي وأبو عبد الله النعمان فقيه الشيعة ثم كتب ببغداد محضر آخر بمثل ذلك سنة أربع وأربعين وزيد فيه انتسابهم إلى الديصانية من المجوس وبنو القداح من اليهود وكتب فيه العلوية والعباسية والفقهاء والقضاة وعملت به نسخ وبعث بها إلى البلاد.

.وفاة عميد الجيوش وولاية فخر الملك.

كان عميد الجيوش أبو علي بن أبي جعفر أستاذهرمز وكان أبو جعفر هذا من حجاب عضد الدولة وجعل ابنه أبا علي في خدمة ابن صمصام الدولة فلما قتل رجع إلى خدمة بهاء الدولة ولما استولى الخراب على بغداد وظهر العيارون بعثه بهاء الدولة عليها فأصلحها وقمع المفسدين ومات لثمان سنين ونصف من ولايته إلى أول المائة الخامسة وولى بهاء الدولة مكانه بالعراق فخر الملك أبا غالب فوصل بغداد وأحسن السياسة واستقامت الأمور به واتفق لأول قدومه وفاة أبي الفتح محمد بن عنان صاحب طريق خراسان بحلوان لعشرين سنة من إمارته وكان كثير الأجلاب على بغداد فلما توفي ولى ابنه أبو الشوك وقام مقامه فبعث فخر الملك العساكر لقتاله فهزموه إلى حلوان ثم راجع الطاعة وأصلح حاله.